4- حصول الأمن في الدنيا وصيانة الدماء لم تقتصر آثار الوفاء بالعهد والميثاق على المسلمين وحدهم، وإنما شمل عدل الله الكفار الذين لم يدخلوا في دين الإسلام ولهم عهود مع أولئك المسلمين، فجاءت الآيات صريحة بوجوب الوفاء لهم وصيانة دمائهم بل إن قتيلهم الذي يقتل خطأ من قبل المسلمين له مثل ما للقتيل المسلم سواء بسواء، وأكثر من ذلك أن الكافر الذي يطارده المسلمون لقتله عندما يلجأ إلى قوم بينهم وبين المسلمين عهد وميثاق، ويدخل تحت حكمهم، يعصم دمه ويضع حدًا لطلبه.
يقول تعالى مبينًا حكم بعض المنافقين: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً) (النساء:89) ومع هذا النهي الحاسم والأمر الجازم بالقضاء عليهم ومقاطعتهم ينقلنا القرآن نقلة قوية تضع استثناء لما سبق:
(إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) (النساء: من الآية90) .
ومن هنا نلمس أن أثر الوفاء بالميثاق لم يقتصر على من عقد معه ووفّى به، وإنما تعداه إلى آخرين أرادوا صيانة دمائهم المهدرة، فلم يجدوا بدًا من اللجوء إلى هؤلاء.