وهكذا ومن خلال ما سبق يبرز استعمال مصطلح العهد والميثاق في مجال الدعوة إلى الإيمان بكتب الله المنزلة، وتذكير الذين كفروا من أهل الكتاب بما أعطوه من عهود وما أخذ عليهم من مواثيق بأن يؤمنوا بالتوراة وما فيها، ومقتضى ذلك أن يؤمنوا بالإنجيل والقرآن، كما أن على أمة كل نبي أن تؤمن بالكتاب المنزل عليه وسائر كتب الله المنزلة على أنبيائه، وأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو خاتم الأنبياء وهي آخر الأمم من عقيدتها أن تؤمن بالقرآن وجميع كتب الله المنزلة، وهذا من مقتضى العهد الميثاق.
الإيمان بالأنبياء والرسل
ورد استعمال مصطلح العهد والميثاق في مجال وجوب الإيمان بأنبياء الله ورسله، وذلك في عدة آيات في كتاب الله، فالميثاق الذي أخذ على بني إسرائيل وذكر في القرآن مرات عديدة كان يتضمن وجوب الإيمان برسل الله سبحانه وبالأخص نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث جاء اسمه وصفته في التوراة، وقد سبق بيان ذلك في مبحث نوع الميثاق الذي أخذه الله على بني إسرائيل مما يغني عن الإعادة. ويشير القرآن إلى ذلك بقوله: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (البقرة:100، 101) .
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - هو المصدّق لما معهم، والذي معهم هو التوراة، وفي التوراة وجوب الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد أعطوا العهد وأخذوا عليهم الميثاق بالإيمان بها وما فيها.