وإن بلغ الدولة المسلمة أن قومًا ممن عاهدوا يريدون الخيانة ويخططون لها، فلا يجوز للمسلمين أن ينقضوا العهد فجأة وبدون سابق إنذار، ما لم يكن هناك من البراهين الظاهرة على مباشرتهم لنقض عهودهم، وإنما لا بد من نبذ العهد وإعلامهم بفسحة قبل حربهم ومناجزتهم احترامًا للعهود: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) (الأنفال:58) والمؤمنون تجب نصرتهم في الدين حتى ولو لم يهاجروا إلا إن كانت النصرة موجهة إلى قوم بينهم وبين الدولة المسلمة عهد وميثاق فلا نصرة ولا مساعدة، فالوفاء بالعهد أولى وأداء حق الميثاق أحرى وأجدى: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) (الأنفال: من الآية72).
وتأتي سورة التوبة لترسم علاقة الدولة الإسلامية بغيرها، وتحدد الموقف من المشركين، ومآل العهود والمواثيق التي سبق عقدها وإبرامها معهم، وهل يجوز تجديد تلك العهود أولا في تفصيل شامل بين لا يدع مجالا لتلاعب متلاعب أو غدر خائن: (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (التوبة:1) (¬1) الآيات.
¬__________
(¬1) - الآية 1 وانظر ما بعدها من آيات إلى نهاية الآية 15 حيث فيها تفصل ما ذكر.