المطلب الثاني: ... ترتيب سور القرآن:
اختلف العلماء حول وضع السور وترتيبها في المصحف العثماني على أقوال ثلاثة ... وهي: -
القول الأول: إن ترتيب السور على ما هو عليه الآن في المصحف كان باجتهاد من الصحابة -رضوان الله عليهم -، قال ابن فارس: " جمع القرآن على ضربين: أحدهما: تأليف السور كتقديم السبع الطوال، وتعقيبها بالمئين، فهذا الضرب الذي تولته الصحابة. وأما الجمع الآخر: فضم الآي بعضها إلى بعض، وتعقيب القصة بالقصة، فذلك شيء تولاه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن أمر ربه – عز وجل – " (¬3).
واستدل أصحاب هذا القول بما يلي: -
1 - بحديث رواه أحمد، والنسائي، ومسلم، عن حذيفة قال: " صليت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم – ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذٍ تَعَوَّذ ... .الحديث).قال الإمام النووي في شرح
¬__________
(¬1) - هذا بالضبط ما يقصده المستشرقون وتلاميذهم من ترتيبهم للآيات حسب النزول. ليقوموا بقراءة النص قراءة تاريخية، أي: تفسير النص القرآني وتحليله وفق معطيات التاريخ والواقع الذي كان سائداً عند نزوله. فيحللوا النص، ويبينوا دوافعه، وحكمته، ودلالاته، بدراسة الواقع، والبيئة، والعادات، والتقاليد التي كانت سائدة. ومن ثم قصر دلالة النص وتطبيقه على ذلك الواقع ومعطياته، ولا يتعداه إلى المراحل التاريخية اللاحقة، وبذلك يفقد النص ديمومته وإطلاقيته. ويصبح قاصراً على مكان معين، وأشخاص معينين. مما يفقد النص إلزاميته أيضا. وممن حمل لواء هذه الدعوة كثير من العلمانيين المعاصرين -، وكان الدكتور محمد عابد الجابري من أشد المتحمسين لها. " انظر: ابراهيم محمد طه بويداين- التأويل .. بين ضوابط الأصوليين وقراءات المعاصرين: دراسة أصولية فكرية معاصرة، رسالة ماجستير غير مطبوعة، نوقشت في جامعة القدس، 2001م: ص 211"
(¬2) - انظر: المجتمع المثالي كما تنظمه سورة النساء، ص 20:الشيخ محمد محمد المدني. حصل على الثانوية الأزهرية في شهر 4/ 1927م، وفي شهر 10/ 1927م حصل على العالمية (الدكتوراة) وكل دراسته الجامعية أقل من سنة دراسية.؟؟
(¬3) - الزركشي: البرهان في علوم القرآن، ج1/ ص258 - 259.