ثم إن موضوع الزيادة والنقصان في القرآن موضوع قديم كثر فيه القيل والقال. وقد تحدثت المصادر السُّنية منها والشيعية عن دعوى التحريف في القرآن، وأجمعت على أن ذلك فِريةْ بلا مِريةْ (¬1) ... ... ونقول للزاعمين بهذا الزعم: لتأتوا بهذا الذي تدَّعون سقوطه، ثم نزنه بموازين القرآن، فإن انطبقت عليه تلك الموازين قبلناه، وبالتالي لا يجب أن يُجهد أحد نفسه في نفي شبهة مُدَّعي، إنما على الأخير أن يثبت شبهته حتى نقبل ما يقول به. (¬2)
¬__________
(¬1) - غالبا ما ينسب القول بالتحريف للمصادر الشيعية، وقد نفى الاستاذ محمد هادي معرفة ذلك في كتاب له تحت عنوان: " صيانة القرآن من التحريف" أثبت فيه أن نسبة التحريف للشيعة باطلة، وأنهم ينكرون ذلك إنكاراً شديداً. ولم يقل أحدٌمنهم - يُعتد برأيه - بأن القرآن محرف، إلا من كان شاذاً لا يُحفل برأيه عندهم. ثم عقد صاحب الكتاب فصلاً خاصاً عنونه بـ " مزاعم صاحب فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب " حيث ناقشه مناقشة جادة. وكان صاحب الكتاب قد ذكر عن شرف الدين العاملي خلاصة رأي الشيعة بأن: كل من نسب إليهم تحريف القرآن فإنه مفتر عليهم ظالم لهم، لأن قداسة القرآن الحكيم من ضروريات معتقدهم، ومن شك فيها من المسلمين فهو مرتد بإجماع الامامية ..... والقرآن الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، إنما هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس. لايزيد حرفا ولا ينقص حرفا، ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة، ولا لحرف بحرف، وكل حروفه متواترة في كل جيل تواتراً قطعياً إلى عهد الوحي والنبوة. لا يرتاب في ذلك إلا معتوه. .انظر: محمد هادي معرفة:، صيانة القرآن عن التحريف، (ص54 - 60). وقد سبق أن اتهم (ابن النغريلة اليهودي الأندلسي أثناء حواره مع ابن حزم) الشيعة الامامية بذلك، ورد عليه في رسالته: الرد على ابن النغريلة اليهودي. كما أن كتاب الفرقان لابن الخطيب، وكتابات أركون، وأبو زيد، والجابري، والقمني، وخليل عبد الكريم، والشحرور، والصادق النيهوم، توازي كتاب: فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب في السوء ..
(¬2) - ناقش أستاذنا الشيخ الدكتور محمد بن محمد أبو شهبة كثيراً من القضايا القديمة الجديدة التي أعاد إثارتها الجابري مثل: (سورة الأحزاب كانت تعدل سورة البقرة، وسورة براءة بقي منها ربعها، وسورتان لم تكتبا، وسقوط آية الرجم، وآية في الجهاد وآية الصفوف الأولى، وقرآن كثير رفع أو نسخ، أو أُنسي (انظر مدخل إلى القرآن الكريم: ص 223 - 225)، ترديداً لما أثاره من قبله المستشرقون، في كتابه الجامع المانع: " المدخل لدراسة القرآن الكريم " ص 255 - 276. فلا داعي لإعادتها.