والأمانة من أهم أشكال التعامل وأخطرها، ومن هنا نجد العناية بها، حيث نلحظ الجمع بينها وبين رعاية العهد في موضعين من القرآن، مع أن الآيات السابقة لهذه الآية في الموضعين واللاحقة كذلك كل آية منها استقلت في موضوع واحد، بينما جمعا في آية واحدة، وهذا لم يأت عبثًا - وحاشا لله عن ذلك - وإنما للرابط القوي بين معناهما فالأمانة عهد والعهد أمانة: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) (المؤمنون:8).
وهكذا يتعامل المسلم مع أخيه أو مع غيره والميثاق والعهد بينه وبين الله يحرسه، فلا بغي ولا عدوان ولا ظلم ولا خيانة، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه وإلى الله عاقبة الأمور.
سادسًا: في القضايا الاجتماعية
انطلاقًا من عناية الإسلام في بناء المجتمع المسلم الصالح، جاء الاهتمام في كل قضية تتعلق بالأسرة والمجتمع، وتوالت الآيات والأحاديث التي ترصد كل صغيرة وكبيرة في كيان الأمة الإسلامية في طور نشأتها الأولى، حتى قام صرح شامخ قوي البنيان متين الأركان، لا تهزه العواصف، ولا تفككه الرياح، تهابه الأعداء، وتحسب له ألف حساب، ومن تلك الوسائل التي كونت دعامة أساسية في بناء هذا المجتمع، تلك العناية الفائقة التي أولاها القرآن الكريم لهذه الأمة تربية وإعدادًا، ومن ذلك الآيات التي جاءت تعالج القضايا الاجتماعية، وتكون أسسها ومنطلقاتها، وفي هذا المجال جاء مصطلح العهد والميثاق لبنة قوية من تلك اللبنات المباركة.