وبعد أن بيّن سبحانه نقضهم لتلك المواثيق هددهم قائلا: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة: من الآية85) وهكذا نجد التلازم القوي بين الوفاء بالعهد والميثاق وبين الإيمان بكتب الله وآياته المنزلة.
والحديث عن بني إسرائيل وما أخذ عليهم من مواثيق حديث طويل، ولكن القرآن الكريم في سياق حديثه عنهم يركز على الربط المباشر بين عهودهم وكفرهم بكتب الله: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (البقرة:100) ما العهد الذي نبذوه؟ (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (البقرة:101) ويدعو القرآن الكريم اليهود والنصارى للإيمان بالنبي المرسل والكتاب المنزل.
وذلك بعد أن ذكر تلك العهود والمواثيق التي أخذت عليهم، آمرًا لهم بالإيمان بكتابه ورسوله ناهيًا أن يكونوا كأسلافهم الذين نقضوا العهود والمواثيق، ولقد تكرر لفظ الميثاق ثلاث مرات تمهيدًا لطلب الإيمان بالرسول والكتاب الذي معه.