4- ذكر المفسرون عند تفسير آيات التوبة التي سبق ذكرها أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان قد عاهد بعض المشركين، وسالمهم كخزاعة ومدلج وقبائل بني بكر وغيرهم فمنهم من وفى ومنهم من نقض العهد (¬2) .
وبهذا يتضح لنا ما كان بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبين بعض المشركين من عهود ومواثيق مما أشارت إليه الآيات الكثيرة التي مرّت معنا، كما تبيّن أن بعض المشركين وفى بعهده وميثاقه، وبعضهم نقض ذلك فدارت الدائرة عليه.
النوع الثاني العهود التي أعطاها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لبعض قبائل العرب وغيرهم
وهذه العهود كانت عن طريق الوفود أو الرسل والمكاتبات، وذلك بعد أن عزّ جانب الإسلام وقويت دولته، فأصبحت القبائل والطوائف تطلب الأمان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
وبتتبع السيرة واستقرائها (¬3) اتضح لي أن هذا النوع من العهود كان لأربع فئات - كما أسلفت - وهي:
1- العهود التي أعطاها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لبعض القبائل التي دخلت في الإسلام.
2- عهود أعطاها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لبعض قبائل اليهود.
3- عهود أعطاها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لبعض طوائف النصارى.
4- عهود أعطاها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لبعض قبائل العرب.
¬__________
(¬1) - تاريخ الطبري 3/45.
(¬2) - انظر تفسير الطبري 10/59 وما بعدها؛ وتفسير القرطبي 8/64 وما بعدها؛ وتفسير ابن كثير 2/332 وما بعدها؛ والتحرير والتنوير 2/103 وما بعدها، وقد فصّل في ذلك.
(¬3) - انظر طبقات ابن سعد 1/258 وما بعدها؛ وسيرة ابن هشام الجزء الرابع في مواضع متفرقة؛ وزاد المعاد الجزء الثالث في مواضع مختلفة؛ وكذلك البداية والنهاية الجزء الخامس في مواضع متفرقة - أيضًا -؛ والوثائق السياسية القسم الثاني، وقد اعتمدت كثيرًا على طبقات ابن سعد والوثائق السياسية، نظرًا لاهتمامهما في هذا الجانب أكثر من غيرهما.