(وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) (النساء: من الآية92).
وقوله: (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) (النساء: من الآية90).
ونحو هذه الآيات التي تشمل هؤلاء وغيرهم كبعض من سبق ذكرهم في النوع الأول، وهذا لا يعني أن تلك العهود لا أهمية لها، حاشا وكلا، ولكن مقارنة بالنوع الأول يبرز الاختلاف بينهما، مع الأهمية الحاصلة لكل منهما، وأشير هنا إلى أمر مهم جدًا وهو أنني فيما سأورده من وثائق نبوية لن أقوم ببيان درجتها من الصحة، وإنما اكتفي ببيان موضعها ومصدرها (¬1) وذلك مرتبط بمنهجي في هذا النوع خصوصًا، تبعًا لاختلاف مبعث الاستدلال وسببه، وبالله التوفيق.
أولا: العهود التي أعطاها - صلى الله عليه وسلم - لبعض القبائل التي دخلت في الإسلام
¬__________
(¬1) - ومن أسباب ذلك أيضًا ما أشار إليه د. أكرم العمري في كتابه المجتمع المدني في عهد النبوة قال: وإن هذا الحكم - أي حكمه على نصوص الكتب التي وجهها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الملوك من حيث صعوبة الحكم بصحتها وأنها لا ترقى إلى مستوى الاحتجاج بها في السياسة الشرعية - يسري على معظم وثائق العهد النبوي الأخرى إذ لا مجال لتصحيحها من الناحية الحديثة، ولم تعن الكتب الستة بتخريجها سوى كتاب هرقل في البخاري، وكتاب عمير ذي مزن في سنن أبي داود، رغم أن الكثير منها يمكن أن يكون صحيحًا من الناحية التاريخية، ولكنه يبقى دون الاحتجاج به في موضوعات العقيدة والشريعة. انظر المجتمع المدني في عهد النبوة (الجهاد ضد المشركين) ص154.