كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وما كملوا إلا بشرف نبيهم، وثبت بالتواتر عنه صلوات اللّه وسلامه عليه، أنه قال: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، ولا فخر)، ثم ذكر اختصاصه بالمقام المحمود الذى يغبطه به الأولون والآخرون، الذى تحيد عنه الأنبياء والمرسلون، حتى أولو العزم الأكملون: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم. وقوله صلّى اللّه عليه وسلم: (فأكون أول من يفيق، فأجد موسى باطشا بقائمة العرش، أي آخذا بها، فلا أدري أفاق قبلى. جوزى بصعقة الطور؟). دليل على أن هذا الصعق الذى يحصل للخلائق في عرصات القيامة حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين عباده، فيصعقون من شدة الهيبة والعظمة والجلال، فيكون أولهم إفاقة محمد خاتم الأنبياء، ومصطفى رب الأرض والسماء على سائر الأنبياء، فيجد موسى باطشا بقائمة العرش، قال الصادق المصدوق: (لا أدري أصعق فأفاق قبلي؟) أي كانت صعقته خفيفة، لأنه قد ناله بهذا السبب في الدنيا صعق، (أو جوزي بصعقة الطور؟) يعني فلم يصعق بالكلية، وهذا شرف كبير لموسى عليه السلام من هذه الحيثية، ولا يلزم تفضيله بها مطلقا من كل وجه، ولهذا نبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم على شرفه وفضيلته بهذه الصفة، لأن المسلم لما ضرب وجه اليهودي حين قال: لا والذى اصطفى موسى على البشر، قد يحصل في نفوس المشاهدين لذلك هضم بجناب موسى عليه السلام، فبين النبي صلّى اللّه عليه وسلم فضيلته وشرفه، وقوله تعالى: قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وبِكَلامِي أي في ذلك
147 سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية الصفحة
فبراير 17, 2021
الرئيسية >كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وما كملوا إلا بشرف نبيهم، وثبت بالتواتر عنه صلوات اللّه وسلامه عليه، أنه قال: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، ولا فخر)، ثم ذكر اختصاصه بالمقام المحمود الذى يغبطه به الأولون والآخرون، الذى تحيد عنه الأنبياء والمرسلون، حتى أولو العزم الأكملون: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم. وقوله صلّى اللّه عليه وسلم: (فأكون أول من يفيق، فأجد موسى باطشا بقائمة العرش، أي آخذا بها، فلا أدري أفاق قبلى. جوزى بصعقة الطور؟). دليل على أن هذا الصعق الذى يحصل للخلائق في عرصات القيامة حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين عباده، فيصعقون من شدة الهيبة والعظمة والجلال، فيكون أولهم إفاقة محمد خاتم الأنبياء، ومصطفى رب الأرض والسماء على سائر الأنبياء، فيجد موسى باطشا بقائمة العرش، قال الصادق المصدوق: (لا أدري أصعق فأفاق قبلي؟) أي كانت صعقته خفيفة، لأنه قد ناله بهذا السبب في الدنيا صعق، (أو جوزي بصعقة الطور؟) يعني فلم يصعق بالكلية، وهذا شرف كبير لموسى عليه السلام من هذه الحيثية، ولا يلزم تفضيله بها مطلقا من كل وجه، ولهذا نبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم على شرفه وفضيلته بهذه الصفة، لأن المسلم لما ضرب وجه اليهودي حين قال: لا والذى اصطفى موسى على البشر، قد يحصل في نفوس المشاهدين لذلك هضم بجناب موسى عليه السلام، فبين النبي صلّى اللّه عليه وسلم فضيلته وشرفه، وقوله تعالى: قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وبِكَلامِي أي في ذلك