في وقتنا الراهن تمكنت الولايات المتحدة والتي تسمي نفسها روما الجديدة وتحمل في شعارها نفس النسر التي كانت روما تحمله، وتطلق على منتسبي حكومتها نفس الألقاب التي كانت تطلقها روما على كبار وأمراء دولتها وهو (السيناتور)، بل وحتى مجلس الدولة الكبير (الكونغرس) يحمل من معاني تلك الحضارة الغابرة. نقول تمكنت هذه الدولة الحديثة من تشكيل تلك المقومات لصالحها، ولكنها غير قادرة على الحفاظ على تلك القيادة فتراها صعدت ووصلت للقمة واليوم هي في طور النزول كما يحدد ويحذر الكثير من مفكريها ومنظريها.
فعند ما أرادت الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية القرن التاسع عشر من بناء دولة قوية ليست لها مثيل في بقية الدول، وذلك بعد انتهاء حرب الاستقلال من السيطرة البريطانية وبعدها الحروب الأهلية، بحثت في التاريخ البشري ودرسته جيدا فوجدت أن تاريخ المسلمين ودولتهم العظيمة كانت المثل الذي يحتذى به لبناء دولتهم الحلم، فسنت القوانين التي لا ينفذ منها على غرار ما فعله المسلمون الذين لم يتركوا أمرا في الشريعة والأحكام والمعاملات إلا وأثروا فيه إثراء عظيما، فوضعوا لكل شيء قانون سواء أ كان ذلك الشيء أمرا من أمور الدين أو الحياة أو علما من العلوم الوضعية تماما كما جاء
______________________________
(1) هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس، د. ماجد عرسان الكيلاني، ص 307 - 309، بتصرف.