أما الخطر الشرقي الذي كانت تمثله فارس فقد انهار بعد نطحة أو نطحتين:
مواجهة في القادسية وأخرى في نهاوند ثم لا فارس بعد وإنما تحولت إلى منعطف جديد استمر إلى أيامنا الحاضرة. والشعوب التي تلي فارس من الصين ومنغوليا وغيرها لم تكن خطرا حقيقيا. والهجمات التي قامت بها جماعات المغول على العالم الإسلامي إنما كانت هجمات بدائية جذبتها روائح الخلافة الميتة والمجتمع الإسلامي الميت فقاموا بدور دابة الأرض التي أكلت منسأة سليمان المتوفي وأسقطت جثته على الأرض. أي أن هذه الدول الشرقية دخلت في الإسلام وتحولت من رقم ضده إلى رقم يقف إلى جانبه ...
ولكن السؤال الأهم الذي يشمل جميع الأرقام - الدول - عربيها وعجميها والمحسوبة في صف الإسلام الواحد كيف يمكن تحويلها إلى جهة اليمين لتصبح فعالة بدلا من بقاءها أصفار على اليسار لا قيمة لها.
وثمة أمر آخر يشير إليه التوجيه النبوي وهو إيجابية النظر في تحدي الغرب رغم عناده واستمراره. فهم ((لأصحابكم ما دام في العيش خير)). ولعل العيش المقصود هنا أسلوب الحياة في المجتمع الإسلامي. فما دام هذا المجتمع يلتزم منهج اللّه في العيش وفي توفير أسباب المنعة فسوف يقدر الغربيون الخير في هذا المنهج ويسعون لمصاحبة أهله. أما حين ينتكس هذا المنهج في حياة المسلمين فسوف ينظر الغرب إليهم نظرة استخفاف ويعاملونهم بما يستحقون. وهذا يعني إن حسم المواجهة مع الغرب يجب أن تقوم على ركني الخير في الإستراتيجية الإسلامية. الركن الأول إعداد ما يستطاع من قوة ومن رباط الحاملات العسكرية حتى لا يستسهلوا مهاجمة دار الإسلام والركن الثاني هو حسن عرض الإسلام بالفكر والتطبيق وهو ما يتفق مع مستوى التفكير الغربي. الذي يتمتع بكثير من الخصائص الإيجابية في هذا الميدان .. وسواء كانت الإشارة في القسم