يقول اللّه تعالى في سورة الإسراء بعد الحديث عن رحلة الإسراء المباركة التي انتقل خلالها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس وصلى بالأنبياء عليهم السلام إماما: وقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ولَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (4) فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَاسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وكانَ وَعْداً مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وبَنِينَ وجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وإِنْ أَسَاتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ ولِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ولِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (7) عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً (8) .. ثم يقول في نهاية السورة المباركة: وقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (104)، (الإسراء: 104).
هنا نركز على أن القرآن الكريم قد ثبّت ثلاث شروط لا بد منها لفهم زمان ومكان تطبيق ما أخبرت عنه الآيات المباركات. أو لهما أن هناك وعدين لعلوين وصفا بأنهما كبيرين أي لا مثيل لهما عبر التاريخ وهو ما يدل على إقامة دولة وحضارة وليس الأمر متعلقا بمجموعة بشرية هنا أو هناك، والثاني أن هناك فسادا خلال هذين العلوين، والثالث أنهما في الأرض أي أرض فلسطين وهو ما يفهم من سياق الآيات الكريمات. إذا اختل أحد هذه الشروط، فلا تنطبق المعادلة ولا ينطبق القانون .. التفاصيل أدناه توضح ذلك.
ذكر بعض المفسرون أن الوعدين الإلهيين بعلو بني إسرائيل قد حصلت ودليلهم قوله تعالى وإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا ... ، قسم منهم قال أنهما حصلا في زمان بعيد في عهد ملك بابلي وآخر فارسي، ومنهم من قال أن الوعد الأول حصل قديما والثاني حصل في عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم .. لكن عدد غير قليل ذكر أن الأول قد حصل في عهد بابل والثاني لم