أصحاب المدرسة الثالثة اعتمد معظمهم على الحقائق التاريخية التي ذكرناها فتوصلوا مستندين أيضا إلى أحاديث المصطفى صلى اللّه عليه وسلم إلى أن الوعد الثاني لم يتحقق بعد ...
لنحاول أن نتدبر النص القرآني:
1 - وقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ولَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (4) .. أي كتبنا عليهم أنهم سيكون لهم علوا عظيما وملكا كبيرا فيفسدون ويقتلون ويدمرون، وكلمة (الْأَرْضِ) في الآية هي أرض فلسطين لأن الآية تبعت آية الإسراء التي تحدثت عن المسجد الأقصى المبارك، وهذه من أساليب البلاغة القرآنية. وانظر إلى قوله تعالى (كَبِيراً) أي لم يكن له مثيل في أي حقبة أخرى، وقد حصل العلو الأول في أرض فلسطين بينما لم يحصل الثاني.
2 - فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَاسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وكانَ وَعْداً مَفْعُولًا (5)، أي إذا ما حصل موعد العلو الأول فإن عبادا لنا سيتولون تدميركم وقد كان من أمرهم مع أهل بابل كما ذكرنا، وتدبر قوله تعالى (عِباداً لَنا)، فأهل بابل كانوا كفارا فسلطهم اللّه تعالى على أهل كتاب لابتعادهم عن منهجه تماما كما يحصل لنا اليوم من تسلط الكفار علينا ونحن أمة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم، فالناس عباد اللّه كافرهم ومؤمنهم شاءوا أم أبوا.
3 - ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وبَنِينَ وجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (6)، (ثم) أداة عطف تفيد التتابع بتراخي زمني وليس مثل (ف) التي تعطف بدون تراخي زمني أي مباشرة أو بعد مدة قليلة. معنى ذلك أن ال (ثم) هذه تعني أن هناك فترة زمنية ليست قصيرة بين العلوين الأول والثاني الذي وصفه تعالى بأن فيه سوف يكون لهم مدد بالمال والسلاح والرجال من أمم أخرى لذلك قال (أَكْثَرَ نَفِيراً) ولم يقل (أكثر عددا)، وهو الأمر الحاصل اليوم بدولتهم المتغطرسة المفسدة المتعالية القاتلة التي أمدت بكل سبل العون والبقاء من أمم أخرى تحت الإرهاب الفكري والتفسخ العقائدي المتأتي من سيطرتهم على المال والإعلام في العالم الغربي ..
وانظر إلى كلمتي (الكرة) و (عليهم). فالكرة تعني الرجعة وعليهم تعود على القوم