وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم بذكر المهدي، وأنه من أهل البيت الكرام عليهم الرضوان والسلام، وأنه يبقى في الأرض سبع سنين يملؤها عدلا بعد جور ونورا بعد ظلام، وأن سيدنا عيسى يساعده في قتل الدجال وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي سيدنا عيسى عليه السلام خلفه. جاءت هذه الأخبار من كبار علماء الأمة كالعلامة محمد السفاريني، والإمام الشوكاني، في كتابه (التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح).
وأما ما اعترض من قبل بعض العلماء على ذلك محتجين بحديث النبي صلى اللّه عليه وسلم الذي أخرجه ابن ماجة في الفتن (4029) عن أنس بن مالك أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (لا يزداد الأمر إلّا شدّة ولا الدّنيا إلّا إدبارا ولا النّاس إلّا شحّا ولا تقوم السّاعة إلّا على شرار النّاس ولا المهديّ إلّا عيسى ابن مريم) .. فإن شيخ الإسلام ابن تيمية قد أجابهم بأن هذا الحديث ضعيف، وهو حديث منكر ومردود عند أغلب المحدثين كما ذكر الذهبي، إذ قال الأزدي منكر الحديث، وذكر الذهبي في كتابه (ميزان الاعتدال) هذا الحديث خبر منكر أخرجه ابن ماجة. أما الإمام القرطبي فقد بين الأمر بقوله: يحتمل أن يكون قوله صلى اللّه عليه وسلم في هذا الحديث أن لا مهدي كاملا معصوما إلا عيسى عليه السلام، وبهذا يزول التعارض وتجمع الأحاديث «1».
______________________________
(1) هذه التفاصيل جاءت لمقالة في مجلة اقرأ (العدد الأول)، ص 21 - 22، بتصرف.