(حجابه النور - وفي رواية: النار - لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه). وقال ابن عباس في قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ: ذاك نوره الذى هو نوره إذا تجلى لشيء لا يقوم له شيء، ولهذا قال تعالى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ قال مجاهد: ولكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فإنه أكبر منك وأشد خلقا، فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ، فنظر إلى الجبل لا يتمالك، وأقبل الجبل فدك على أوله، ورأى موسى ما يصنع الجبل، فخر صعقا. وقد ذكرنا في التفسير ما رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه ابن جرير والحاكم من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، زاد ابن جرير وليث، عن أنس أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قرأ: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وقال صلّى اللّه عليه وسلم: (هكذا، بإصبعه، ووضع النبي صلّى اللّه عليه وسلم الإبهام على المفصل الأعلى من الخنصر، فساخ الجبل). لفظ ابن جرير. وقال السدي عن عكرمة وعن ابن عباس: ما تجلى، يعني من العظمة، إلا قدر الخنصر، فجعل الجبل دكّا قال:
ترابا وخَرَّ مُوسى صَعِقاً أي مغشيا عليه، وقال قتادة: ميتا، والصحيح الأول، لقوله: فَلَمَّا أَفاقَ فإن الإفاقة إنما تكون عن غشى، قال: سُبْحانَكَ تنزيه وتعظيم وإجلال أن يراه بعظمته أحد تُبْتُ إِلَيْكَ أي فلست أسأل بعد هذا الرؤية وأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أنه لا يراك حي إلا مات، ولا يابس إلا تدهده. وقد ثبت في الصحيحين من طريق عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني الأنصارى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: (لا تخيروني من بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي؟ أو جوزي بصعقة الطور؟) لفظ البخاري. وفي أوله: قصة اليهودي الذى لطم وجهه الأنصاري، حين قال: لا والذي اصطفى موسى على البشر، فقال رسول اللّه: (لا تخيروني من بين الأنبياء). وفي