وقوله تعالى: فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ أي فخذ ما أعطيتك من الرسالة والكلام، ولا تسأل زيادة عليه، وكن من الشاكرين على ذلك قال اللّه تعالى:
وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وكانت الألواح من جوهر نفيس ففي الصحيح: أن اللّه كتب له التوراة بيده، وفيها مواعظ عن الآثام وتفصيل لكل ما يحتاجون إليه من الحلال والحرام فَخُذْها بِقُوَّةٍ أي بعزم ونية صادقة قوية وامُرْ قَوْمَكَ يَاخُذُوا بِأَحْسَنِها أي يضعوها على أحسن وجوهها وأجمل محاملها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ أي سترون عاقبة الخارجين عن طاعتي المخالفين لأمري المكذبين لرسلي سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ عن فهمها وتدبرها، وتعقل معناها الذى أريد منها، ودل عليه مقتضاها: الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها أي ولو شاهدوا مهما شاهدوا من الخوارق والمعجزات لا ينقادون لاتباعها وإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا أي لا يسلكوه ولا يتبعوه وإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا أي صرفناهم عن ذلك لتكذيبهم بآياتنا، وتغافلهم عنها وإعراضهم عن التصديق بها، والتفكر في معناها، وترك العمل بمقتضاها والَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ولِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ.
قصة عبادتهم العجل في غيبة موسى
قال اللّه تعالى في سورة الأعراف: واتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ ولا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وكانُوا ظالِمِينَ (148) ولَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ورَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا ويَغْفِرْ لَنا