فمن وسائل المشركين وأعوانهم للصدّ عن دين الله أن روّجوا لمقولة صدقها بعض المنافقين وتحمسوا لها، حيث قالوا: إن هذا القرآن ليس كلام الله وكيف يكون كلامه وفيه ألفاظ يتنزه عنها الباري، ففيه ضرب الأمثلة بالعنكبوت وبالذباب، وهذا أمر لا يصدر عن الله، مما ينفي أن يكون هذا القرآن كلام الله (¬1) . وهنا ردّ الله - سبحانه وتعالى - عليهم ردًا حاسمًا قاطعًا: (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا) (البقرة: من الآية26) ولا شك أن هناك مؤمن ومكذب (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) (البقرة: من الآية26) ومن هؤلاء الفاسقون؟ (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ) (البقرة: من الآية27) وفي النهاية (أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (البقرة: من الآية27) عدم إيمان بوحي الله ونقض للعهد والميثاق والنتيجة كفر وضلال وفسق وخسران.
¬__________
(¬1) - انظر أسباب النزول للواحدي - ص58 وفي ظلال القرآن 1/21.