وقد ذكر كثير من المفسرين هاهنا آثارا فيها مجازفات كثيرة باطلة يدل العقل والنقل على خلافها من أنهم كانوا أشكالا هائلة ضخاما جدا، حتى أنهم ذكروا أن رسل بني إسرائيل لما قدموا عليهم تلقاهم رجل من رسل الجبارين فجعل يأخذهم واحدا واحدا ويلفهم في أكمامه وحجزة سراويله، وهم اثنا عشر رجلا، فجاء بهم فنثرهم بين يدي ملك الجبارين، فقال: ما هؤلاء؟ ولم يعرف أنهم من بني آدم حتى عرفوه، وكل هذه هذيانات وخرافات لا حقيقة لها، وأن الملك بعث معهم عنبا كل عنبة تكفي الرجل، وشيئا من ثمارهم ليعلموا ضخامة أشكالهم، وهذا ليس بصحيح وذكروا هاهنا أن عوج ابن عنق خرج من عند الجبارين إلى بني إسرائيل ليهلكهم، وكان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلاثمائة ذراع وثلاثة وثلاثين ذراعا وثلث ذراع، هكذا ذكره البغوى وغيره وليس بصحيح كما قدمنا بيانه عند قوله صلّى اللّه عليه وسلم: (إن اللّه خلق آدم طوله ستون ذراعا، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن). قالوا: فعمد عوج إلى قمة جبل، فاقتلعها ثم أخذها بيديه ليلقيها على جيش موسى، فجاء طائر فنقر تلك الصخرة فخرقها فصارت طوقا في عنق عوج بن عنق، ثم عمد موسى إليه فوثب في الهواء عشرة أذرع، وطوله عشرة أذرع وبيده عصاه، وطولها عشرة أذرع، فوصل إلى كعب قدمه فقتله، يروى هذا عن عوف البكالي، ونقله ابن جرير عن ابن عباس وفي إسناده إليه نظر. ثم هو مع هذا كله من الإسرائيليات، وكل هذه من وضع جهال بني إسرائيل، فإن الأخبار الكاذبة قد كثرت عندهم ولا تمييز لهم بين صحتها وباطلها، ثم لو كان هذا صحيحا لكان بنو إسرائيل معذورين في النكول عن قتالهم، وقد ذمهم اللّه على نكولهم، وعاقبهم بالتيه على ترك جهادهم، ومخالفتهم رسولهم، وقد أشار عليهم رجلان صالحان منهم بالإقدام، ونهياهم عن الإحجام، ويقال: إنهما يوشع بن نون وكالب بن يوقنا، قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة وعطية والسدي والربيع بن أنس وغير واحد. قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أي يخافون اللّه وقرأ بعضهم: (يخافون) أي يهابون أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا
142 سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية الصفحة
فبراير 17, 2021
الرئيسية >وقد ذكر كثير من المفسرين هاهنا آثارا فيها مجازفات كثيرة باطلة يدل العقل والنقل على خلافها من أنهم كانوا أشكالا هائلة ضخاما جدا، حتى أنهم ذكروا أن رسل بني إسرائيل لما قدموا عليهم تلقاهم رجل من رسل الجبارين فجعل يأخذهم واحدا واحدا ويلفهم في أكمامه وحجزة سراويله، وهم اثنا عشر رجلا، فجاء بهم فنثرهم بين يدي ملك الجبارين، فقال: ما هؤلاء؟ ولم يعرف أنهم من بني آدم حتى عرفوه، وكل هذه هذيانات وخرافات لا حقيقة لها، وأن الملك بعث معهم عنبا كل عنبة تكفي الرجل، وشيئا من ثمارهم ليعلموا ضخامة أشكالهم، وهذا ليس بصحيح وذكروا هاهنا أن عوج ابن عنق خرج من عند الجبارين إلى بني إسرائيل ليهلكهم، وكان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلاثمائة ذراع وثلاثة وثلاثين ذراعا وثلث ذراع، هكذا ذكره البغوى وغيره وليس بصحيح كما قدمنا بيانه عند قوله صلّى اللّه عليه وسلم: (إن اللّه خلق آدم طوله ستون ذراعا، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن). قالوا: فعمد عوج إلى قمة جبل، فاقتلعها ثم أخذها بيديه ليلقيها على جيش موسى، فجاء طائر فنقر تلك الصخرة فخرقها فصارت طوقا في عنق عوج بن عنق، ثم عمد موسى إليه فوثب في الهواء عشرة أذرع، وطوله عشرة أذرع وبيده عصاه، وطولها عشرة أذرع، فوصل إلى كعب قدمه فقتله، يروى هذا عن عوف البكالي، ونقله ابن جرير عن ابن عباس وفي إسناده إليه نظر. ثم هو مع هذا كله من الإسرائيليات، وكل هذه من وضع جهال بني إسرائيل، فإن الأخبار الكاذبة قد كثرت عندهم ولا تمييز لهم بين صحتها وباطلها، ثم لو كان هذا صحيحا لكان بنو إسرائيل معذورين في النكول عن قتالهم، وقد ذمهم اللّه على نكولهم، وعاقبهم بالتيه على ترك جهادهم، ومخالفتهم رسولهم، وقد أشار عليهم رجلان صالحان منهم بالإقدام، ونهياهم عن الإحجام، ويقال: إنهما يوشع بن نون وكالب بن يوقنا، قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة وعطية والسدي والربيع بن أنس وغير واحد. قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أي يخافون اللّه وقرأ بعضهم: (يخافون) أي يهابون أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا