كان يقسم ليله إلى ثلاثة أجزاء: ثلث ينام وثلث يكتب وثلث يصلي. وكان يختم القرآن في كل شهر ثلاثين مرة وفي رمضان ستين ختمة. ومن نوافل الشافعي كثرة صلاته على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وكان يحضّ على ذلك أصحابه وتلاميذه ومن يحضره. وكان أسخى الناس على الدينار والدرهم والطعام لا يدخل على مكة حتى يتصدّق بما معه.
مرضه ووفاته:
كان الشافعي من الأئمة العاملين فرابط فترة في مصر في الثغور وهي المواضع التي يخشى هجوم العدو منها على بلد مسلم. وفي آخر حياته ظهرت عليه علة البواسير وكان يظن أنّ هذه العلة إنما نشأت بسبب استعماله اللّبان - وكان يستعمله للحفظ - وبسبب هذه العلة ما انقطع عنه النزيف وربما ركب فسال الدم من عقبيه.
وكان لا يبرح الطست تحته وفيه لبدة محشوة، وما لقي أحد من السقم ما لقي.
والعجيب في الأمر بل يكاد يكون معجزا أن تكون هذه حال الشافعي ويترك في مدة أربعة سنوات كلها سقم من اجتهاده الجديد ما يملأ آلاف الورق مع مواصلة الدروس والأبحاث والمناظرات والمطالعات في الليل والنهار، وكأنّ هذا الدأب والنشاط في العلم هو دواؤه الوحيد الشافي!. وألحّ على الشافعي المرض وأذابه السقم ووقف الموت ببابه ينتظر انتهاء الأجل. وفي هذه الحال، عند آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة، دخل عليه تلميذه المزني فقال: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت من الدنيا راحلا وللإخوان مفارقا ولكأس المنيّة شاربا وعلى اللّه جلّ ذكره واردا ولا واللّه ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنّئها أو إلى النار فأعزّيها! ثم بكى وأنشأ يقول:
ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت الرّجا مني لعفوك سلّما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... بعفوك ربي كان عفوك أعظما
وما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل ... تجود وتعفو منّة وتكرّما
ودفن الشافعي رحمة اللّه تعالى عليه في القاهرة في أول شعبان، يوم الجمعة سنة 204 هجري. مات وكان له ولدان ذكران وبنت وكان قد تزوج من امرأة واحدة ...
من وصاياه وأقواله:
له رحمه اللّه تعالى ورضي عنه أقوال مهمة، منها:
- ما تقرّب إلى اللّه عز وجل بعد أداء الفرائض بأفضل من طلب العلم.