الجواب: إنّ هنالك فرقا دقيقا ولكن هاما جدا بين قولنا إنّ الإمام الشافعي وضع علم أصول الفقه وبين قولنا إنه دوّن علم أصول الفقه. الشافعي لم يخترع ولا قاعدة واحدة من قواعد علم أصول الفقه إطلاقا وإنما بحكم أنّ الشافعي حجة وإماما في اللغة عكف على أساليب العرب وكيفية فهمهم للكلام والمعاني التي تستخلص من العبارات فاستخرج من قواعد العرب واصطلاحات اللغة العربية في الفهم والنطق استخرج من ذلك قواعد دوّنها ولفت إليها أنظار الفقهاء والمحدّثين. ولكي نقرب الصورة أكثر نضرب المثال التالي: إنّ أول من دوّن علم اللغة العربية هو أبو الأسود الدؤلي، فهل لأحد أن يقول إذا أن أبو الأسود الدؤلي اخترع اللغة العربية؟!!! فأبو الأسود الدؤلي إذا كان وضع قواعدها فهذا لا يعني أنه اخترعها. نحن جميعا نعلم أنّ اللغة العربية كانت موجودة من قبل أبي الأسود بكثير وأنّ الناس كانوا يرفعون الفاعل وينصبون المفعول به ويجرّون المضاف إليه وما إلى ذلك قبل الدؤلي بقرون ولكن الذي حصل أنّ أبا الأسود عمد بعبقريته الفذة إلى النطق العربي وتتبّعه فوجد أنّ العرب دائما ترفع الفاعل وما إلى ذلك، فقعّد له قوانين وقواعد حتى يستطيع من لا يجيد العربية بالسليقة أن ينطق النطق السليم. والكلام نفسه يطبّق على الشافعي وعلم أصول الفقه، فالشافعي مثلا وجد أنّ العرب إذا سمعوا جملة ما، تدرك لها معناها الإيجابي وتأخذ بالاعتبار معناها السلبي. مثال على ذلك، عند ما تسمع العرب حديث" مطل الغني ظلم" (أي إذا كان المدين مليئا غنيا وماطل في دفع الدّين المترتب عليه فهو ظالم) العرب قبل الفقهاء فهموا من هذا الكلام أنّ مطل الفقير ليس بظلم وهذا ما سماه الشافعي" المفهوم المخالف". إذا هو لم يخترع هذا وإنما تتبع لغة العرب وقعّدها.
منهج الشافعي العلمي:
أخذ الشافعي بالمصالح المرسلة والاستصلاح ولكن لم يسمها بهذا الاسم وأدخلها ضمن القياس وشرحه شرحا موسعا. وكذلك كان الشافعي يأخذ بالعرف مثل مالك ولكن كل لدرجة ما.
يروى إنه في أحد الأيام، في مجلس مالك، كان فيه الشافعي، جاء رجل يستفتي