- إنّ اللّه عز وجل خاطب عباده في كتابه بألفاظ عامة وأراد منها الخاص وخاطب عباده بألفاظ خاصة وأراد منها العموم، مثال على ذلك: قوله عز وجل:" الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ " إنما أريد بالناس الأولى رجل واحد هو أبو سفيان، فيكون هنا اللفظ عام يراد منه الخاص.
- مثال على الخاص الذي يراد منه العام: قال اللّه تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ، [الطلاق: 1]، فهو خطاب للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم وحده ولكن المقصود به عموم الناس.
من هنا كثر إعجاب الإمام أحمد بالشافعي فعن صالح بن أحمد بن حنبل قال:
جاء الشافعي يوما إلى أبي يعوده - وكان عليلا - فوثب أبي إليه، فقبّل ما بين عينيه، ثم أجلسه في مكانه وجلس بين يديه. قال فجعل يسائله ساعة، فلما وثب الشافعي ليركب قام أبي فأخذ بركابه ومشى معه، فبلغ يحيى بن معين هذا الخبر فوجه إلى أبي: يا أبا عبد اللّه، يا سبحان اللّه! أ اضطرك الأمر إلى أن تمشي إلى جانب بغلة الشافعي؟ فقال له أبي: وأنت يا أبا زكريا لو مشيت من الجانب الآخر لانتفعت به قال: ثم قال أبي: من أراد الفقه فليشم ذنب هذه البغلة. وقال الفضيل بن زياد: قال أحمد بن حنبل: هذا الذي ترون كله أو عامته من الشافعي، ما بتّ مدة أربعين سنة إلا وأدعو اللّه للشافعي. قلت وهذا من شيم أهل الفضل يعرفون الفضل لأصحابه.
وكان الشافعي بالمقابل يحب ويجلّ الإمام أحمد كثيرا وكان يجلس بين يديه يتعلم منه الحديث ويقول له إذا صح عندك الحديث فأخبرني عنه. وكان الإمام أحمد يحدّث ابنته كثيرا عن الشافعي وعن تقواه وعلمه وفي يوم نزل الشافعي ضيفا عند أحمد ولعل ذلك كان في رحلة الشافعي الأخيرة له إلى بغداد، فأعطاه غرفة لينام فيها. وكان الإمام أحمد كثير التعبد وكثير التنسك فأخذت ابنته تراقب الشافعي كيف تكون عبادته ومتى سيستيقظ من الليل وأيهما أكثر تعبدا والدها أم الشافعي. فلاحظت أنّ غرفة الشافعي بقيت مظلمة إلى قبيل أذان الفجر بينما الإمام أحمد كان يقوم أكثر الليل. وفي الصباح