والعهد هنا ما عقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع اليهود من عهود ومواثيق بألا يحاربوه ولا يعاونوا عليه، كما بين ذلك المفسرون (¬1) .
وسأحاول في هذا المبحث أن أبين ما تم بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واليهود من عهود ومواثيق، بما يتناسب مع هذا الموضوع ليضفي عليه البيان والشمول، والله المستعان. وهو حسبنا ونعم الوكيل:
عند الرجوع إلى كتب السيرة نجد أن المؤرخين عندما يتحدثون عن غزوة بني قينقاع أو بني النضير أو غزوة بني قريظة يقدمون لذلك بمقدمات يذكرون فيها أنه كان بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين اليهود عهدًا:
روى الطبري عن عاصم بن عمرو بن قتادة: أن بني قينقاع كانوا أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2) .
وذكر ابن كثير عن عاصم بن عمرو بن قتادة: أن بني قينقاع كانوا أول يهود نقضوا العهد وحاربوا فيما بين بدر وأحد (¬3) .
وقال الطبري في ذكر جلاء بني النضير: فأقبل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهوا إليه، فأخبرهم الخبر بما كانت يهود قد أرادت من الغدر به (¬4) .
ثم قال بعد ذلك عندما رغبت بنو النضير في مساعدة بني قريظة لهم ضد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبلغ كعب بن أسد صاحب بني قريظة فقال: لا ينقض العهد مع رجال من بني قريظة وأنا حي (¬5) .
وقد بحثت في كتب السنة والسيرة عن هذا العهد، وكيف عقد؟ فتوصلت إلى ما يلي:
¬__________
(¬1) - انظر زاد المسير 3/372؛ وتفسير القرطبي 8/30؛ والتحرير والتنوير 10/48.
(¬2) - تاريخ الطبري 2/479.
(¬3) - البداية والنهاية 4/3.
(¬4) - تاريخ الطبري 2/551؛ وسيرة ابن هشام 3/220.
(¬5) - تاريخ الطبري 2/553.