3- وأجاب نافع بأنها كانت على الصبر:
روى البخاري عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: رجعنا من العام المقبل فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها، كانت رحمة من الله، فسألنا نافعًا على أي شيء بايعهم؟ على الموت؟ فقال: لا، بايعهم على الصبر (¬2) .
هذه أصح الأحاديث التي وردت في بيعة الرضوان وفيها غنية عن سواها، ولكن ورد في بعضها أن البيعة كانت على الموت، وفي بعضها على عدم الفرار، وفي حديث نافع على الصبر، فكيف نوفق بينها:
لقد جمع العلماء بين هذه الروايات وذكروا أنه لا تعارض بينها:
قال الترمذي جامعًا بين حديثي سلمة بن الأكوع وجابر فقال: ومعنى كلا الحديثين صحيح، فقد بايعه قوم من أصحابه على الموت، وإنما قالوا: لا نزال بين يديك ما لم نقتل وبايعه آخرون فقالوا: لا نفر (¬3) .
وقال ابن حجر جامعًا بين هذه الأحاديث: لا تنافي بين قولهم: بايعوه على الموت، وعلى عدم الفرار، لأن المراد بالمبايعة على الموت ألا يفروا ولو ماتوا، وليس المراد أن يقع الموت ولا بد، وهو الذي أنكره نافع وعدل إلى قوله: بل بايعهم على الصبر، أي: على الثبات وعدم الفرار سواء أفضى بهم إلى ذلك إلى الموت أم لا، والله أعلم (¬4) .
¬__________
(¬1) - صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال 6/25، ورواه الترمذي، أبواب السير، باب ما جاء في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم 3/76، ورواه أحمد في المسند 3/381.
(¬2) - صحيح البخاري، كتاب الجهاد، باب البيعة في الحرب أن لا يفروا 4/61.
(¬3) - سنن الترمذي، أبواب السير، باب ما جاء في بيعة النبي 3/76.
(¬4) - فتح الباري، باب البيعة في الحرب ألا يفروا 6/118.