الأسلوب القرآني في عرض قضية العهد والميثاق
نزل القرآن بلسان عربي مبين، على أفصح العرب وأقومهم لسانا، وكان القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى للرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث تحداهم الله أن يأتوا بمثله، بل أن يأتوا بسورة منه، وعجز العرب وأذعنوا واستسلموا لهذا الإعجاز البياني الرائع، واستمرت تلك المعجزة البيانية على مرّ العصور والأجيال شاهدة على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - وقوة رسالته.
وهذا القرآن المعجزة للبشرية يقف المسلم أمامه منبهرا، يقف بين الإعجاز وبين سلاسة الأسلوب وسهولة العبارة وقوة نفاذها إلى أعماق القلوب، لا تعقيد ولا تكلف ولا تركيب.
يقرأه العالم المتخصص فيشعر بالضعف أمام روعة أسلوبه وبيانه، ويسمعه الأمي فيزداد إيمانه وخشوعه، ويتلوه الأعجمي فيخر لله ساجدًا دون أن يجد تفسيرًا لقوة سلطانه على قلبه.
ولا غرو ولا عجب فهذا كلام الله: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً) (النساء: من الآية122) وآيات العهد والميثاق جزء من هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولأن هذا القرآن كتاب هداية وبيان ودلالة وإرشاد، فقد عرضت آياته بأسلوب رصين، بل بأساليب متعددة، لئلا تملّ القلوب أو تكل الأفهام، تبدأ الآية بأسلوب رائع ثم تنتهي بأسلوب أخّاذ، وتزداد نبضات القلب في تنقله بين آياته ومعانيه، فلا تمجه الآذان، ولا تتعب فيه الأذهان، تنزيل من عزيز حكيم.