قال مجاهد: هو الميثاق الأول الذي كان وهم في ظهر آدم بأن الله ربكم لا إله لكم سواه (¬1) .
هذه هي الآيات التي وردت في القرآن الكريم بلفظ العهد أو الميثاق، وقد بينت معاني هذه الآيات حسب ورودها مستدلا بأقوال المفسرين حسب ما ترجح لدي منها معرضًا عن ذكر الخلاف أو التفصيل في ذلك، التزاما بالمنهج الذي ذكرته. ومدار البحث في الفصول القادمة على ما كان بمعنى اليمين والموثق والعهد المحكم، وما يتصل بهذا المعنى، مما أخذه الله على عباده من آدم - عليه السلام - إلى نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - .
هل العهد والميثاق مصطلح واحد ؟
من خلال تتبع لفظتي (العهد) و (الميثاق) في القرآن الكريم وفي كتب اللغة اتضح ما يلي:
أن العهد أعمّ من الميثاق، فالعهد يأتي لمعان غير معنى الميثاق فمن ذلك مثلا، الوصية والأمر، يقال عهد إليّ بكذا أوصاني، ومنه قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ) (آل عمران: من الآية183).
قال أبو السعود: عهد إلينا: أمرنا في التوراة وأوصانا (¬2) .
ومنه قوله تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)(البقرة: من الآية125) ، فعهدنا هنا بمعنى أوصينا وأمرنا (¬3) .
- ويأتي العهد بمعنى الزمان، ومنه قوله تعالى: (أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ) (طه: من الآية86). قال الزمخشري: العهد الزمان، يريد مدة مفارقته لهم (¬4) .
¬__________
(¬1) - انظر تفسير الطبري 27/218؛ وتفسير القرطبي 17/238.
(¬2) - تفسير أبي السعود 1/614.
(¬3) - انظر تفسير الماوردي 1/156.
(¬4) - الكشاف 2/549.