ولقد تأملت في واقع أمتنا في هذا العصر، فرأيت أنها مهيضة الجناح، تتقاذفها الأمواج، وتميل بها الرياح، تلتفت يمينًا وشمالا تبحث عن منقذ لها، ومركب النجاة بين يديها، تأوي إلى الغرب وتهوي إلى الشرق ويتآمر عليها شراذم البشر وشرار الخليقة وعزّتها ونصرتها ومنعتها باللجوء إلى كتاب ربها، ولكن يا ليت قومي يعلمون فيعملون.
وفي السنوات الأخيرة رأيت كيف أصبحت الدول تعيش في قلاقل ومحن، وباتت الشعوب - وبالأخص الشعوب الإسلامية - لا تأمن على حياتها وممتلكاتها، فلم يعد الإنسان يطمئن إلى عهد ولا إلى ميثاق، توقّع العهود في الصباح وتنقض في المساء،أنشئت الهيئات والمنظمات الدولية، ولكنها أصبحت كلا على الضعفاء وسلاحًا فتّاكًا بيد الأقوياء، وسادت شريعة الغاب ومملكة البحار، القوي يأكل الضعيف، والكبير يقضي على الصغير بل حتى على مستوى الأفراد والجماعات لم يعد للعهود مكانًا، ولا للمواثيق احترامًا، إلا ما ندر ممن يؤمن بالله واتخذ القرآن له دستورًا وأمانًا، وأدركت أن من أسباب شقاء هذه الأمة وبؤسها بعدها عن كتاب ربها، وعدم التزام كثير من أفرادها بعهود الله ومواثيقه، في العقيدة والسلوك والمعاملات والأخلاق والتقدير، ولذلك اختلت الموازين والقيم، وضعفت الأمة وامتلأت المحاكم والسجون، والأكثر حر طليق.