وهكذا يكون الاستفهام بأنواعه أحد الأساليب البلاغية التي عرضت فيها قضية العهد والميثاق توبيخا وإنكارا ونفيًا.
5- الإجمال والبيان:
ومن الأساليب التي وردت في القرآن الكريم مبينة قضية العهد والميثاق، الإجمال في موضع، والبيان والتفصيل في موضع آخر. وهذا أسلوب بلاغي رفيع، ففي الإجمال لا إخلال، وفي البيان لا حشو ولا إسهاب. فقد ذكر الله في سورة البقرة أنه قد أخذ الميثاق على بني إسرائيل دون أن يبين أو يفصل في ذلك. (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) (البقرة: من الآية63).
فتتشوق النفوس، وتتطلع الأفئدة لمعرفة ذلك الميثاق، وسرعان ما يأتي البيان والتفصيل في آية أخرى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) (البقرة: من الآية83) الآية.
وفي المائدة يأتي زيادة بيان وتفصيل لهذا الميثاق: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) (المائدة:12).