قال تعالى في سورة البقرة: ( الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ ) (البقرة: من الآية27).
قال الطبري: قال بعضهم: هو وصية الله إلى خلقه، وأمره إياهم بطاعته، ونهيه إياهم عن معصيته (¬1) وقال الماوردي: في العهد قولان: أحدهما: الوصية (¬2) وقال تعالى في سورة البقرة - أيضًا -: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (البقرة: من الآية125).
إذا عدي (العهد) بإلى كان بمعنى الوصية المؤكد على الموحى للعمل بها، فـ(عهدنا) هنا بمعنى أوحينا وأمرنا (¬3) وفي سورة آل عمران: ( الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ) (آل عمران: من الآية183).
قال ابن الجوزي: ( عَهِدَ إِلَيْنَا ) (آل عمران: من الآية183) أي: أمرنا بالتوراة (¬4) وقال أبو السعود: ( عَهِدَ إِلَيْنَا ) (آل عمران: من الآية183) أمرنا في التوراة وأوصانا (¬5) وكذلك جاء في سورة الرعد: ( الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ) (الرعد:20). قال القرطبي: هي أوامره ونواهيه التي وصى بها عبيده (¬6) وفي الرعد - أيضًا-: ( وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ ) (الرعد: من الآية25)، وهو بمعنى ما في الآية الأولى.
¬__________
(¬1) - تفسير الطبري 1/182؛ تفسير القرطبي 1/146.
(¬2) - تفسير الماوردي 1/81.
(¬3) - التحرير والتنوير 1/711؛ انظر تفسير الماوردي 1/156.
(¬4) - زاد المسير 1/516.
(¬5) - تفسير أبي السعود 1/614.
(¬6) - تفسير القرطبي 9/307 وقد ذكر بعض المفسرين أن العهد هنا بمعنى الميثاق لقوله بعده "ولا ينقضون الميثاق"؛ انظر الكشاف 2/357.