وعند أهل الكتاب: أن بني إسرائيل لما أمروا بالخروج من مصر جعل اللّه ذلك الشهر أول سنتهم، وأمروا أن يذبح كل أهل بيت حملا من الغنم، فإن كانوا لا يحتاجون إلى حمل فليشترك الجار وجاره فيه، فإذا ذبحوه فلينضحوا من دمه على أعتاب أبوابهم ليكون علامة لهم على بيوتهم، ولا يأكلونه مطبوخا ولكن مشويا برأسه وأكارعه وبطنه ولا يبقوا منه شيئا، ولا يكسروا له عظما، ولا يخرجوا منه شيئا إلى خارج بيوتهم، وليكن خبزهم فطيرا سبعة أيام ابتداؤها من الرابع عشر من الشهر الأول من سنتهم، وكان ذلك في فصل الربيع، فإذا أكلوا فلتكن أوساطهم مشدودة، وخفافهم في أرجلهم، وعصيهم في أيديهم، وليأكلوا بسرعة قياما ومهما فضل عن عشائهم، فما بقى إلى الغد فليحرقوه بالنار، وشرع لهم هذا عيدا لأعقابهم ما دامت التوراة معمولا بها، فإذا نسخت بطل شرعها وقد وقع.
قالوا: وقتل اللّه عز وجل في تلك الليلة أبكار القبط، وأبكار دوابهم، ليشتغلوا عنهم وخرج بنو إسرائيل حين انتصف النهار، وأهل مصر في مناحة عظيمة على أبكار أولادهم، وأبكار أموالهم، ليس من بيت إلا وفيه عويل وحين جاء الوحي إلى موسى خرجوا مسرعين، فحملوا العجين قبل اختماره وحملوا الأزواد في الأردية وألقوها على عواتقهم، وكانوا قد استعاروا من أهل مصر حليا كثيرا، فخرجوا وهم ستمائة ألف رجل