وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: (قال لي جبريل: لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فم فرعون مخافة أن يناله الرحمة). ورواه الترمذي وابن جرير من حديث شعبة، وقال الترمذي: حسن غريب صحيح. وأشار ابن جرير في رواية إلى وقفه. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن عمر بن عبد اللّه بن يعلى الثقفي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما أغرق اللّه فرعون أشار بإصبعه ورفع صوته آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ قال: فخاف جبريل أن تسبق رحمة اللّه فيه غضبه، فجعل يأخذ الحال بجناحيه فيضرب به وجهه فيرمسه. ورواه ابن جرير من حديث أبي خالد به. وقد رواه ابن جرير من طريق كثير بن زاذان وليس بمعروف. وعن أبي حازم عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: (قال لى جبريل: يا محمد، لو رأيتني وأنا أعظه وأدس من الحال في فيه مخافة أن تدركه رحمة اللّه فيغفر له). يعني فرعون. وقد أرسله غير واحد من السلف كإبراهيم التيمي وقتادة وميمون بن مهران، ويقال: إن الضحاك بن قيس خطب به الناس. وفي بعض الروايات: (إن جبريل قال: ما بغضت أحدا بغضى لفرعون حين قال: أنا ربكم الأعلى، ولقد جعلت أدس في فيه الطين حين قال ما قال).
وقوله تعالى: آلْآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) استفهام إنكار، ونص على عدم قبوله تعالى منه ذلك، لأنه واللّه أعلم، لو رد إلى الدنيا كما كان لعاد إلى ما كان عليه، كما أخبر تعالى عن الكفار إذا عاينوا النار وشاهدوها أنهم يقولون:
يا لَيْتَنا نُرَدُّ ولا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا ونَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)، قال اللّه: بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ولَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (28)، وقوله:
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً. قال ابن عباس وغير واحد: شك