والمقصود: أن فرعون لحقهم بالجنود فأدركهم عند شروق الشمس، وتراءى الجمعان ولم يبق ثم ريب ولا لبس وعاين كل من الفريقين صاحبه وتحققه ورآه، ولم يبق إلا المقاتلة والمجادلة والمحاماة، فعندها قال أصحاب موسى وهم خائفون: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ وذلك لأنهم اضطروا في طريقهم إلى البحر، فليس لهم طريق ولا محيد إلا سلوكه وخوضه، وهذا ما لا يستطيعه أحد ولا يقدر عليه، والجبال عن يسرتهم وعن أيمانهم، وهي شاهقة منيفة، وفرعون قد غالقهم وواجههم، وعاينوه في جنوده وجيوشه وعدده وعداده، وهم منه في غاية الخوف والذعر، لما قاسوا في سلطانه من الإهانة والمنكر، فشكوا إلى نبي اللّه ما هم فيه مما قد شاهدوه وعاينوه، فقال لهم الرسول الصادق المصدق: كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ، وكان في الساقة فتقدم إلى المقدمة، فنظر إلى البحر وهو يتلاطم بأمواجه، ويتزايد زبد أجاجه، وهو يقول: هاهنا أمرت، ومعه أخوه هارون ويوشع بن نون، وهو يومئذ من سادات بني إسرائيل وعلمائهم وعبادهم الكبار، وقد أوحى اللّه إليه وجعله نبيا بعد موسى وهارون عليهما السلام، كما سنذكره فيما بعد إن شاء اللّه، ومعهم أيضا مؤمن آل فرعون، وهم وقوف وبنو إسرائيل بكمالهم عليهم عكوف، ويقال: إن مؤمن آل فرعون جعل يقتحم بفرسه مرارا في البحر هل يمكن سلوكه فلا يمكن، ويقول لموسى عليه السلام: يا نبي اللّه، أ هاهنا أمرت؟ فيقول: نعم، فلما
131 سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية الصفحة
فبراير 17, 2021
الرئيسية >والمقصود: أن فرعون لحقهم بالجنود فأدركهم عند شروق الشمس، وتراءى الجمعان ولم يبق ثم ريب ولا لبس وعاين كل من الفريقين صاحبه وتحققه ورآه، ولم يبق إلا المقاتلة والمجادلة والمحاماة، فعندها قال أصحاب موسى وهم خائفون: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ وذلك لأنهم اضطروا في طريقهم إلى البحر، فليس لهم طريق ولا محيد إلا سلوكه وخوضه، وهذا ما لا يستطيعه أحد ولا يقدر عليه، والجبال عن يسرتهم وعن أيمانهم، وهي شاهقة منيفة، وفرعون قد غالقهم وواجههم، وعاينوه في جنوده وجيوشه وعدده وعداده، وهم منه في غاية الخوف والذعر، لما قاسوا في سلطانه من الإهانة والمنكر، فشكوا إلى نبي اللّه ما هم فيه مما قد شاهدوه وعاينوه، فقال لهم الرسول الصادق المصدق: كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ، وكان في الساقة فتقدم إلى المقدمة، فنظر إلى البحر وهو يتلاطم بأمواجه، ويتزايد زبد أجاجه، وهو يقول: هاهنا أمرت، ومعه أخوه هارون ويوشع بن نون، وهو يومئذ من سادات بني إسرائيل وعلمائهم وعبادهم الكبار، وقد أوحى اللّه إليه وجعله نبيا بعد موسى وهارون عليهما السلام، كما سنذكره فيما بعد إن شاء اللّه، ومعهم أيضا مؤمن آل فرعون، وهم وقوف وبنو إسرائيل بكمالهم عليهم عكوف، ويقال: إن مؤمن آل فرعون جعل يقتحم بفرسه مرارا في البحر هل يمكن سلوكه فلا يمكن، ويقول لموسى عليه السلام: يا نبي اللّه، أ هاهنا أمرت؟ فيقول: نعم، فلما