والمقصود: أن اللّه تعالى لم يهلكهم إلا بعد إقامة الحجج عليهم، وإرسال الرسول إليهم، وإزاحة الشبه عنهم، وأخذ الحجة عليهم منهم، فبالترهيب تارة، والترغيب أخرى، كما قال تعالى في سورة الأعراف: ولَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ ونَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى ومَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ولكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (131) وقالُوا مَهْما تَاتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ والْجَرادَ والْقُمَّلَ والضَّفادِعَ والدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (133).
يخبر تعالى أنه ابتلى آل فرعون، وهم قومه من القبط، بالسنين، وهي أعوام الجدب التى لا يستغل فيها زرع، ولا ينتفع بضرع، وقوله: ونَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ وهي قلة الثمار من الأشجار لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ أي فلم ينتفعوا ولم يرعووا، بل تمردوا واستمروا على كفرهم وعنادهم فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ والخصب ونحوه قالُوا لَنا هذِهِ أي هذا الذي نستحقه، وهذا الذي يليق بنا وإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى ومَنْ مَعَهُ أي يقولون: هذا بشؤمهم أصابنا هذا، ولا يقولون في الأول: أنه ببركتهم وحسن مجاورتهم، ولكن قلوبهم منكرة مستكبرة نافرة، عن الحق إذا جاء الشر أسندوه إليه، وإن رأوا خيرا ادعوه لأنفسهم، قال اللّه تعالى: أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أي اللّه يجزيهم على هذا أوفر الجزاء ولكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (131) وقالُوا