يقول الدكتور عبد الكريم زيدان حول تفسير هذه الآية ما لخصه من تفاسير القرطبي والزمخشري والقاسمي وابن كثير: أي قال كفار مكة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ ونصدقك حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً، أي تشقق لنا من أرض مكة عيونا أو عينا غزيرة المياه، أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وعِنَبٍ، أي بستان منهما، فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً، أي تفجر الأنهار وسطها تفجيرا، أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً، أي قطعا بالعذاب، أَوْ تَاتِيَ بِاللَّهِ والْمَلائِكَةِ قَبِيلًا، أي كفيلا بما تقول شاهدا بصحته، أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أي من ذهب، أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ ولَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ، أي أو تصعد في السماء ولن نؤمن لأجل رقيك وحده، حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ، أي حتى تنزل علينا كتابا من السماء فيه تصديقك، قُلْ سُبْحانَ رَبِّي، أي تنزيها له والمراد التعجب من اقتراحاتهم، هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا أي هل كنت إلا بشرا كسائر الرسل). وكانوا لا يأتون قومهم إلا بما يظهره اللّه عليهم من الآيات حسبما يلائم حال قومهم، ولم يكن أمر الآيات إليهم وليس لهم أن يتحكموا على اللّه بشيء منها فما بالكم تقترحونها علي. قال تعالى عن المشركين، مشركي مكة، وما اقترحوه على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً ولكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (37)، (الأنعام: 37). يقول تعالى مخبرا عن المشركين أنهم كانوا يقولون لو لا نزل عليه آية من ربه أي خارق على مقتضى ما كانوا يريدون ويتمنون ويقترحون. وإنما كانوا يقولون ذلك ويقترحونه مع تكاثر ما أنزل من الآيات على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لتركهم الاعتداد بما أنزل عليه وكأنه لم ينزل عليه شيء من الآيات، عنادا منهم قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ
______________________________
(1) تفسير الظلال، سيد قطب، ج/ 4، ص 2250.