ففي قوله تعالى من سورة (هود: 44) وقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ ويا سَماءُ أَقْلِعِي وغِيضَ الْماءُ وقُضِيَ الْأَمْرُ واسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44)، وهي قصة طوفان سيدنا نوح عليه السّلام والتي ذكرناها في كتاب الآثار، وفيها ما يدل على خزن المياه في داخل الأرض وما يسمى بالمياه الجوفية التي فصلناها سابقا. وهذا المعنى موجود في سور وآيات أخرى كقوله تعالى من سورة (المؤمنون: 18) وأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ (18). وفي سورة (الملك: 30) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَاتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (30)، فهذه الآيات الكريمات وغيرها الكثير يدل على كل ما عرضناه سابقا من الآبار والينابيع والعيون وكل حالات المياه الجوفية الغائرة في جوف الأرض وهذا ما يحدث للترب الرملية ذات النفاذية العالية حيث يغور الماء إلى أعماق كبيرة في التربة - وهو ما قصدته الآية في سورة الملك - إذ أن المخاطبين يعيشون في بيئة رملية تستخدم الآبار للشرب والسقي. وهذا المعنى ساقه المهندس محمد محي القيسي في بحثه القرآن وعلم ميكانيك التربة المنشور في مجلة التربية الإسلامية والذي أشرنا إليه أيضا في كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم).
يقول السيد محمد علي الصابوني في تفسيره صفوة التفاسير المجلد الثالث صفحة 241 عن هذه الآية المباركة: أي قل لهم يا محمد أخبروني إذا صار الماء غائرا ذاهبا في أعماق الأرض بحيث لا تستطيعون إخراجه فمن الذي يخرجه حتى يكون ظاهرا جاريا على وجه الأرض؟، هل يأتيكم غير اللّه به؟، فلم تشركون مع الخالق الرازق غيره من الأصنام والأوثان.