إنّ الشيءَ الأعظمَ من ذلك أنّ التنفسَ يتمُّ بتنبيهٍ عصبيٍّ نوبيٍّ، لا إراديٍّ، فلو أنّ اللهَ سبحانه وتعالى أَوْكلَ التنفسَ إلينا لكانَ الخيارُ صعباً جداً، فلا بدّ أنْ نلغيَ النومَ، فإذا نمنا فسوف نموتُ، وهناك مرضٌ نادرٌ جداً يصيبُ مركزَ التنبيهِ الرئويِّ النوبيُّ بالعطبِ، وعندئذٍ لا يستطيعُ الإنسانُ أن ينامَ الليلَ أبداً، وقد اخْتُرِعَ دواءٌ غالٍ جداً يأخذُه الإنسانُ كلَّ ساعةٍ، ولكنْ لا بدّ أنْ يستيقظَ كلَّ ساعةٍ ليأخذَ حبةً، لأنّ مفعولَ هذا الدواءِ ينتهي بعدَ ساعةٍ، فنحن في نِعَمٍ لا تُحصَى.
الحنجرة وعتبة الحواس
يقولُ ربُّنا سبحانه وتعالى في كتابِه الكريمِ: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] .
هناك تقديرٌ دقيقٌ في كلِّ شيءٍ خَلَقَه اللهُ عز وجل، هذا المعنى يُستنبطُ من قولِه تعالى: {خَلَقَ السماوات والأرض بالحق وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ المصير} [التغابن: 3] .