أتعرفون أنّ بين جوانحِكم هذا العضوَ الخطيرَ؟! هذا المخبَر، هذا المخفَرَ، هذا المصنعَ، هذا المستودعَ.
وظيفةُ التخزينِ، وظيفةُ التحويلِ، وظيفةُ التعييرِ، وظيفةُ التكوينِ، وظيفةُ التخليطِ، وظيفةُ الإفرازِ، هذه بعضُ وظائفِ الكبدِ، وكلُّ خليةٍ من خلايا الكبدِ تفعلُ كل هذه الوظائفِ وحْدَها بصمتٍ دونَ ضجيجٍ.
ذلكم اللهُ ربُّ العالمين، هذا خَلْقُه، تذهبون إلى القصَّابِ، وتشترونَ السوداءَ، إنها الكبدُ، هذا الجهازُ الذي لا يستطيعُ الإنسانُ أن يعيشَ دونَه أكثرَ من ثلاثِ ساعاتٍ، قال تعالى:
{فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب * إِنَّهُ على رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} [الطارق: 5-8] .
من ماءٍ مهينٍ، من نطفةٍ، يكونُ الكبدُ، والدماغُ، وهذا القلبُ، والأحشاءُ، والكليتان، {أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخالقون} [الطور: 35] .
هذا الذي خَلََقَك فسوّاك فعدّلك، ألا يستحقُّ العبادةَ؟ ألا يستحقُّ أن تحبَّه؟ ألا يستحقُّ أن تأتمرَ بأمرِه، وأن تنتهيَ عما نهاك؟ ألا يستحقُّ أن تفنيَ عمرَك في طاعتِه؟ عَن ابْنِ مَسْعُودٍ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ، وَمَالَهُ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ؟ ".