عن الهروي قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول :
أوحى الله عزوجل إلى نبي من أنبيائه إذا أصبحت فأول شئ يستقبلك فكله ،
والثاني فاكتمه ، والثالث فاقبله ، والرابع فلا تؤيسه ، والخامس فاهرب منه قال :
فلما أصبح مضى فاستقبله جبل أسود عظيم فوقف وقال :
أمرني ربي عز وجل أن آكل هذا وبقي متحيرا ثم رجع إلى نفسه فقال :
إن ربي جل جلاله لا يأمرني إلا بما اطيق فمشى إليه ليأكله ،
فلما دنا منه صغر حتى انتهى إليه فوجده لقمة فأكلها فوجدها أطيب شئ أكله.
ثم مضى فوجد طشتا من ذهب فقال :
أمرني ربي عز وجل أن أكتم هذا فحفر له وجعله فيه وألقى عليه التراب ،
ثم مضى فالتفت فاذا الطشت قد ظهر ، فقال : قد فعلت ما أمرني ربي عز وجل.
فمضى فاذا هوبطير وخلفه بازي فطاف الطير حوله فقال :
أمرني ربي عز وجل أن أقبل هذا ففتح كمه فدخل الطير فيه ،
فقال له البازي : أخذت مني صيدي وأنا خلفه منذ أيام فقال :
أمرني ربي عز وجل أن لا اويس هذا ، فقطع من فخذه قطعة فألقاها إليه ثم مضى ،
فلما مضى فاذا هو بلحم ميتة منتن مدود (أى جعل فيه الدود.) فقال :
أمرني ربي عز وجل أن أهرب من هذا فهرب منه.
فرجع فرأى في المنام كأنه قد قيل له : إنك قد فعلت ما امرت به فهل تدري ماذا كان؟ قال : لا ،
قيل له : أما الجبل فهو الغضب إن العبد إذا غضب لم ير نفسه
وجهل قدره من عظم الغضب فاذا حفظ نفسه وعرف قدره وسكن
غضبه كانت عاقبته وكاللقمة الطيبة التي أكلتها ،
وأما الطشت فهو العمل الصالح إذا كتمه العبد وأخفاه أبى الله عز وجل
إلا أن يظهره ليزينه به معما يدخر له من ثواب الاخرة ،
وأما الطير فهو الرجل الذي يأتيك بنصيحة فاقبله واقبل نصيحته ،
وأما البازي فهو الرجل الذي يأتيك في حاجة فلا تؤيسه ،
وأما اللحم المنتن فهي الغيبة فاهرب منها.
الخصال ج ١ ص ١٢٨.
البحار :ج 68 ص 418