عن حماد في حديث قال- ثم قال أبوعبدالله في قول الله : « وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» قال : فوعظ لقمان ابنه بآثار حتى تفطر وانشق ، وكان فيما وعظه به يا حماد أن قال : يا بني إنك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة ، فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد.
يا بني جالس العلماء وازحمهم بركبتيك ، ولا تجادلهم فيمنعوك ، وخذ من الدنيا بلاغا ، ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس ، ولا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك ، وصم صوما يقطع شهوتك ، ولا تصم صياما يمنعك من الصلاة ، فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام.
يا بني إن الدنيا بحر عميق ، قد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الايمان ، واجعل شراعها التوكل ، واجعل زادك فيها تقوى الله ، فإن نجوت فبرحمة الله ، وإن هلكت فبذنوبك.
يا بني إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا ، ومن عنى بالادب اهتم به ، ومن اهتم به تكلف علمه ، ومن تكلف علمه اشتد له طلبه ، ومن اشتد له طلبه أدرك منفعته فاتخذه عادة ، فإنك تخلف في سلفك ، وتنفع به من خلفك ، ويرتجيك فيه راغب ، ويخشى صولتك راهب ، وإياك والكسل عنه بالطلب لغيره ، فإن غلبت على الدنيا فلا تغلبن على الآخرة ، فإذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الآخرة ، واجعل في أيامك ولياليك وساعاتك لنفسك نصيبا
في طلب العلم ، فإنك لم تجد له تضييعا أشد من تركه ، (1) ولا تمارين فيه لجوجا ، ولا تجادلن فقيها ، ولا تعادين سلطانا ، ولا تماشين ظلوما ، ولا تصادقنه ، ولا تؤاخين فاسقا ، ولا تصاحبن متهما ، واخزن علمك كما تحزن ورقك.يا بني جالس العلماء وازحمهم بركبتيك ، ولا تجادلهم فيمنعوك ، وخذ من الدنيا بلاغا ، ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس ، ولا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك ، وصم صوما يقطع شهوتك ، ولا تصم صياما يمنعك من الصلاة ، فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام.
يا بني إن الدنيا بحر عميق ، قد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الايمان ، واجعل شراعها التوكل ، واجعل زادك فيها تقوى الله ، فإن نجوت فبرحمة الله ، وإن هلكت فبذنوبك.
يا بني إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا ، ومن عنى بالادب اهتم به ، ومن اهتم به تكلف علمه ، ومن تكلف علمه اشتد له طلبه ، ومن اشتد له طلبه أدرك منفعته فاتخذه عادة ، فإنك تخلف في سلفك ، وتنفع به من خلفك ، ويرتجيك فيه راغب ، ويخشى صولتك راهب ، وإياك والكسل عنه بالطلب لغيره ، فإن غلبت على الدنيا فلا تغلبن على الآخرة ، فإذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الآخرة ، واجعل في أيامك ولياليك وساعاتك لنفسك نصيبا
يا بني خف الله خوفا لو أتيت يوم القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك ، وارج الله رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر الله لك.
فقال له ابنه : يا أبه وكيف اطيق هذا وإنما لي قلب واحد؟ فقال له لقمان : يا بني لو استخرج قلب المؤمن فشق لوجد فيه نوران : نور للخوف ، ونور للرجاء ، لو وزنا ما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة ، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله ، ومن يصدق ما قال الله يفعل ما أمر الله ، ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله ، فإن هذه الاخلاق يشهد بعضها لبعض ، فمن يؤمن بالله إيمانا صادقا يعمل لله خالصا ناصحا ، ومن يعمل لله خالصا ناصحا فقد آمن بالله صادقا ، ومن يطع الله خافه (2) ومن خافه فقد أحبه ، ومن أحبه اتبع أمره ، ومن اتبع أمره استوجب جنته ومرضاته ، ومن لم يتبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه ، نعوذ بالله من سخط الله.
يا بني لا تركن إلى الدنيا ، ولا تشغل قلبك بها ، فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها ، ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين.
(1) في نسخة : فان فاتك لم تجد ، وفى المصدر : فان فاتك لن تجد.
(2) في المصدر : ومن أطاع الله خافه.
تفسير القمى : 506 ـ 508.